بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2012

عبدربه لا وين أنا لاوين يابوي PDFطباعةإرسال إلى صديق
السبت, 21 يناير 2012 17:53

الحراك الجنوبي في 7 يوليو 2007 مثّل أول ضربه جامده في نحر نظام صالح . أفقدته هيبته وتماسكه من حيث خلخلة أجهزته البوليسيه والأمنيه وعصاباته التي أعتمد عليها دهورا في تدعيم أركان نظامه على مدى سنوات حكمه الطويله. وبيّن الحراك هشاشته, بل وكسر الحراك جدار الخوف ليحرك المياه الآسنه على نحو مغاير تماما على ما أعتادت عليه قواعد الحكم العسكري القبلي خارج مفهوم دوله المؤسسات.
وبتصاعد وتيرة صراع صعده وجد النظام اليمني نفسه في وضع الساندويتش, شمالا صعده وجنوبا الحراك وفي طيات جلبابه معاناة الناس لتوالي تركات وأعباء الأزمات المركبه لمخلفات سياسات نظام صالح.
في مدى عهد الرئيس صالح ظلت قدرية الناس تخضع طويلا لحمل أعباء جمّه من تعنت النظام وغياب حلول من أية مبادرة للطرح ودور ضعيف للمعارضة التقليدية, مما ساعد هذة الظروف لتلقي بظلالها على الحراك السياسي وتجعله في وضع حرج وأستثنائي من خلال التعتيم المتعمد. لكنه بالرغم من ذلك كان للقدر لقاء مع تاريخ الشعوب وأرادتهم السياسية نتج عن هذة الأرادات واقع تحرري في الجنوب وتغييري في اليمن. تمخض عن الأول الحراك والتالي الثوره الشبابيه, التي أستلهمت العديد من التجارب والدروس من الحراك الجنوبي أولا وتاليا ثورات الربيع العربي الذي سبقهم الحراك بسنوات.
كانت هذة الأفرازات تتشكل بصور الحراك السياسي شعبيا وسياسيا بمعزل عن دراية المعارضه التقليديه وبعيدا عن تركيز دوائر الأقليم والغرب وتحديدا الولايات المتحدة.
الأمر الذي جعل القوى الأقليمية والدولية بمافيها المحليه تقوم بمحاولة اللحاق للسيطرة على الأحداث. وهي المرحلة التي فيها أختلطت أوراق هذة الجهات من عدم قدرتها على أحداث سيطرة للرقابه عليها وتجنب نتائجها السلبيه قطعا على منافعها. لهذاعمدت على محاولة توجيهها من خلال ألتحاق بعض قيادات المشترك وقوى الجيش والأمن المنشفه عن النظام في محور تحالفي مع عناصر القبيله وقوى الاسلام السياسي, لتطويق الثوره ومن خلالها أحتواء الممكن المتيسر لها بذريعة مناصرتها وحمايتها. كما عمدوا منذو وقت مبكر على المحاولات المستمره لأحتواء ووأد مسيرة التحرير السلميه في الحراك الجنوبي.
عملت هذة العناصر بحضورها في صفوف الثوره أو بمعاداتها للنظام المتبقي على ألقاء ظلال سحب التعتيم على ثورة التغيير. ليس على مواصلة الأهداف فقط ولكن من حيث أطالة الطريق, تارة بالتعتيم وأخرى في أقحام الشباب الثوري في جزئيات غطسوا فيها ليغيبوا عن المشهد كعنصر قيادي ثوري للتغيير المنشود وتشتت جهودهم بعدم وحدة قيادتهم كما كان المشهد يرسم من قبل الحراك الجنوبي ووضع قيادة موحده له.
ولأستكمال مشوار تلك المحاولات زحفت المبادرة الخليجيه على صدر المشهد السياسي لتتواصل مع الأحداث من خلال أستحداث وخلق جملة من الكوابح التي تاهت بالمشهد الثوري بالتأثير الأقليمي والدولي. حيث ظلت أنظار الناس مشدوده الى المبادرة الخليجيه أكثر منه الى ما تدر به الثوره من تكتيكات لتحقيق الأهداف للتخفيف من عبأ المحنة.
وعلى الرغم من عدم أشتمال المبادره للثوره والحراك الجنوبي بتجاهل غريب وعدم أكتراث لهما في جحود أصاب العامه والسياسيون بالأحباط وهو ما أعطى صالح حبل طويل للمناورة وأجتراح العديد من المكاسب تلك التي تجلّت بوضوح في مسودة قانون الحصانه وما يطفو هذة الأيام على وضع المشهد القائم. مع أنه لم يستوعب العامل الأقليمي والدولي سبق حصانة الرئيس صالح نشؤ حصانه سياسية وأجتماعية تجاوزت مبادرة دول الخليج وتنظر اليها بأن ماتشكلة من واقع ترفضه بأعتباره جسم غريب لايتجاوب مع واقع الناس اليوم. وهو الأمر الذي يرشح الوضع القائم الى مزيد من التصعيد. لم ولن يستطع أحد من تكهن عواقبه.
هذا التسويف والألتفاف على الثوره والحراك من خلال مماطلة الرئيس صالح وعدم توفر ضغط قوي عليه عقد الاوضاع على نحو تجاوز حتى مستوى المبادرة الخليجيه التي لم تخرج منها سوى حكومه محاصصة ضعيفه للغايه ولجنة عسكريه لا يأتمر بها عسكري مرور في أحدى الجولات؟
هذ المسرحيه الهزليه في بروتوكولات و زيارات ولقاءآت ووفود وقرارات مجلس الأمن الدولي أظهرت أزدواجية معايير المجتمع الدولي وبينت عجز واضح لجهود الأقليم ليس في أحتواء أحداث التحرير والتغيير بل عن السيطرة على مجمل مسارات المشهد السياسي الذي لعب عليه الرئيس صالح بنفس طويل على مرأى ومسمع أقليمي ودولي بنكوص كل الجهود وبعودتها الى المربع الأول في ظل تفاقم المأساة وضعف المعارضة التقليدية الممثله باللقاء المشترك برغم حضورها في المحاصصة. لكنها غائبه عن تحريك المشهد الى الأمام ولو سنتيمترا واحدا يذكر منذو ولادتها.
وفي هذة الأثناء مثلت ورقة القاعدة مظلّه أنقاذ لنظام صالح كلما شارف على السقوط والغياب عن المشهد ودخوله مرحلة الأحتضار بموت سريري. ليضخ روح جديدة الى شرايين جسده الهئن.
وأمثله ذلك حيّة في أحداث سيطرة مايسمى بقاعدة السلطه في أبين وشبوة واليوم في رداع وغدا ربما حضرموت ولحج وعدن ودواليك. وهو ماأكدة الرئيس صالح قبل سته أشهر في أحدى خطاباته على ان خمس محافظات ستسقط بيد القاعدة؟
العالم من حول الرئيس يرى حقائق الأمور ويتجاهلها عند أبداء الحل لتدعيم مبادرة الأقليم. غير أنهم يقفون في منتصف طريق الحل وكأن الأمر لايهمهم بقدر معايرة نتائج الأتفاق والأبقاء بعدم خطورة الوضع على مصالحهم والأكتفاء على الأدانه والنقد واللوم دونما الولوج الى عمق القضية بمجملها وأستمرارية حضور ومغادرة المبعوث الأممي جمال بن عمر دونما نشاهد من الضجيج طحينا يذكر.
حتى لم يحترموا شعاراتهم بحماية الديمقراطية وحقوق الأنسان والدفاع عنهما في المنطقة التي من خلال تأزم وضعها يتيح للجوار من حماية أنظمتهم وتجنب شرر التغيير ومستحقات الشعوب فيها, مع أنهم في بلدان عربيه أخرى كان لهم حضور قوي بما تمليه مصلحتهم في الثروه من ضرورة سرعه حركتهم دون تأخير.
وفي منطقتنا جنوب الجزيرة العربية لم يتمكن القائمون على المبادرة على أحداث خطوة واحده حتى الآن, في ظل تصعيد للمشهد وأنهيار أمني وسياسي وتردي وضع حياة ومعيشة الناس الموصوفه بالمأساويه. ولا حتى أيقاف القتل والاعتقال والأغتيالات, والأدهى من ذلك لم يتم أطلاق سجناء الرأي حتى اللحظة. ولاحتى عودة الصحف المحليه ومنها الأيام العدنية, علما أن تلك المهام تندرج ضمن مسئولية وزارات المعارضه لو سلمنا جدلا على دائرة تأثير قراراتهم فقط.
والغريب في الوضع برمته أن مخارج الحل يأتي من خارج الثورة وليس من داخلها. ونتيجة لغياب القراءة الواقعيه لمفردات واقعي التحرير جنوبا والتغيير يمنا, جعل الدور الأقليمي والدولي محصور في أطار معالجة قشرية, حالت دونما أنصاف للمظلومين. وحصّن الجلادين فقط. مع أن القانون الدولي لهم بالمرصاد.
والأفضع من ذلك الحديث عن أنتقال سلس للسلطة صار في حكم المؤكد محال في ظل بقاء خارطة صالح الأمنيه والعسكريه بترابطها مع أخطبوط العصابات المتنفذه في ما تبقى من أجهزة نظام صالح. وفي ظل غايب تام لدور نائب الرئيس الذي لم يمسك حتى اللحظه بحلقه واحدة رئيسية في مسار النقل الحقيقي للسلطه التي صالح لازال حتى اللحظه مختفيا بين ظفائرها بمكر الثعلب المجرب المتلذذ بأستحواذ فريسته المبادرة الخليجيه وأسترخاء تام حد الملل للأقليم والمجتمع الدولي وضعف منقطع النظير للقاء المشترك الخارج عن العقل الجمعي الشعبي بمشاركته ماتبقى من نظام صالح كمنقذا له في اللحظة القاتله. مبررا ومستغلا شماعة أن العملية السياسية التي يقوم بها جزءا مكملا للعملية الثورية.
وعند الحديث عن عبربه الرئيس التوافقي, فهل تم أستيعاب مضمون الدستور الخفي الذي يحكم اليمن منذو مايربو على 1200 سنه بعدم أتاحة اية مجال لشخض خارج الطائفه على أعتلاء سدة الحكم في صنعاء. وهل عبدربه بترشيحه رئيسا توافقيا قد أجتاز هذا الأختبار خلال رفقته للرئيس صالح لمدة 16 عاما؟ أم أن جرعة تحصينيه أمريكيه قد أختيرت لتحصين عبدربه أثناء زيارته لواشنطن مؤخرا, لتعدي خطورة عض كوبرا دار النهدين عندما الغريزه تعلو على قواعد العشره تحت تأثير أدمان السلطه, التي منها صالح يتخذ بحرا لأستمرارية حياته ودونها يتخذ من موقع نيرون مترس الأعتلاء لتعم الكل حرائق ماتبقى من الأخضر واليابس وفق سيادة سياسة الأرض المحروقه؟؟ فهل يفقه العم سام هذا الوضع النفسي الأستثنائي لصالح وأقاربه؟
ومن جهة أخرى وعلى طريق المراوغه بأنه تم أخلاء طرف صالح عن الحكم منذو توقيعه على المبادره في 23 نوفمبر المنصرم, يزعم صالح أن المسئوليه اليوم أصبحت ملقاة على عاتق النائب ورئيس الحكومه الأنتقاليه وعلى أن كل أحداث القاعدة اليوم وتقوية نفوذها تأتي بغياب صالح عن المشهد وأن محاربة القاعدة تندرج ضمن مسئولية وزير الداخليه, الوزير الذي لم يتسلم حتى ملف واحد في وزارته ولم يقدر على أمر جهاز من الأجهزة التابعه له دون المرور عبر دار الرئاسه لتدور العمليه بالتوازي لتنطبق على بقية الوزارات الصوريه والشكليه تسلمها من قبل اللقاء المشترك حتى اللحظة.
وآخر دليل على حماية صالح للقاعدة يتم التأكيد عليه في شهادة أهالي أبين بالأمس واليوم في رداع على أستيلاء قاعدة النظام لتلك المواقع دون أية مقاومه تذكر من السلطة بل تم التعاون مع تلك الجماعات بسخاء من قبل قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي. وليس بآخرها تنجلي بوضوح حماية نظام صالح للقاعدة في ممانعته للنائب عبدربه يوم أول من أمس على عدم أرسال أية قوات حكوميه لتحرير رداع من عناصرالقاعدة؟
لقد تحول صالح الى أمير حرب بجداره وتعتبرهذه المرحله أفضل بئة يمكن من خلالها الرئيس صالح أستعراض فنون خبراته وتجاربه التي توطنت في ذهنيته في بحر 33 عام على بداية رحلته الى الحكم من المفرق في باب المندب عبورا بجحملية تعز لتمطر في دار النهدين قنابل الموت والدمار تحت عباءه حرب أهليه مستوره وغير معلنه وبأمتياز والقاعدة في الميدان؟ علما أن أمراء الحرب على الزناد ولازالوا يتحينون الفرص وبحذر شديد عندما يأتي دورهم ليأخذوا مواقعهم في مسرح أحداث المأساه.
أذن من يحكم ويسيطر على مجمل الأوضاع؟ وهل الحكومه الحاليه قادرة على مواصلة حبوها السلحفاوي على صدر الأحداث؟
بالتأكيد لابد من الأشاره على أن الأوضاع قد خرجت عن السيطرة. وعودة الجمهورية اليمنيه الى وضع كيانها السياسي المعلن عنه في 22 مايو 1990 يأتي في حكم المستحيل وعلى أن خارطة جيوسياسية تفرضها نتائج التجاذبات والتحالفات تتشكل, لتظهر في صورة مدى قوة تأثيرها وقابلية أمكانيات تطابقها مع أستحقاقات الناس في هذة أو تلك البقعة التي تأتي ضمن نفوذ القوى المسيطرة عليها.
وهنا يبقى الأقليم والمجتمع الدولي في منأى عن أحداث المنطقة على شاكلة نتائج الأنهيارات التي حصلت في الصومال وأفغانستان ولكن هذة المرة على طريقة مدجنه بنكهة محليه. لا يشم روائح حرائقها ولا يكتوي بنيرانها سوى أبنائها المغلوبين على أمرهم.
ومنهم نائب الرئيس فيما لو أجتاز عضة كوبرا وثعابين دار النهدين الذي سيكون آخر من يردد: لا وين أنا لاوين يابوي؟
في طلب الأنقاذ المتواصل للخروج من كماشة المشهد السياسي الصعب واقعا بين مطرقة المبادرة وسندان أستحقاقات واقعي التحرير جنوبا والتغيير يمنا مع ملحقات الملف الصعداوي.
فبينما كان لابد من أستعادة عافية البئه المدمره في الجنوب لتسييج وحماية الامن والاستقرار في المنطقة والعالم ذهب العرابون الى قاع المحيط ببوارجهم دونما لليابسه مساحة تغدق عليهم لأهمالهم لها وعدم أكتراث لحقوق من يعيش عليها.
خلاصة القول هنا يتوجب على مسيرة الحراك جنوبا توحيد الصف في أستكمال قيادة موحدة للحراك, لتمكين الناس من تنظيم جهودهم والسيطرة والدفاع على مناطقهم كواقع لابديل عنه في أستعادة حقوقهم السياسية والأنسانية وبناء دولتهم الحديثه للألتحاق بركب التطور الأنساني كما كان الجنوب عبر التاريخ وعدن فنارته الى العالم المتحضروملاذ آمن لكل المظلومين. هنا يفرض الواجب من وحي الضمير الحي في أن يهب الكل للحفاظ على الممكن وحتى لاتتوسع دائرة الكارثه الأنسانية في ظل مشاهد كل هذة الانهيارات..
وعلى مستوى ثورة التغيير يأتي ذلك بذات القدر من الهم, فهم وأستيعاب المسئولية التاريخيه في تصدر مهماهم بما يجعلهم قادرين على الأبقاء على ناصية الحدث لتجسيد أهداف الثورة بأقل الخسائر والخروج عن دوائر الأحتواء والتسويف لقوى الثورة المضادة. كون من يرسم المشهد من تطحنه المأساة ومن رحم معاناته خلقت أرادته لتستقرفي وجدانه عقيدة ثابته لاتلين لأستكمال طريقه حتى النصر المؤزر بأذن الله وعودة الحق الى أهله مهما كانت التضحيات. فالحرية لاتوهب بل تنزع بقوة الحق وسلاح الأراده من بين براثن الطغاه والمحتلين مهما طال الزمن.
والله من وراء القصد.
*كاتب وباحث
لندن في 21 يناير 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق