رؤية بشكل مبادرة ولكن جنوبية – عادل مطلق عبدالله حسن
مقدمة :-
دخلت دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في اتحاد سياسي مع دولة الجمهورية العربية اليمنية سميت بالوحدة اليمنية تم الإعلان عنها في 22 مايو 1990م تحت اسم الجمهورية اليمنية.
ولكن الدولة الشريكة في الاتحاد السياسي (الجمهورية العربية اليمنية) انقلبت على الاتحاد والشراكة مع دولة الجنوب وأعلنت عليها الحرب في ابريل من عام 1994م، تمكنت بفعل الحرب من بسط سيطرتها على كامل أراضي دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وحولت الاتحاد إلى واقع احتلال بشهادات رموز قوى التغيير والجيش المؤيد لها كما فرضته السلوكيات الأمنية والعسكرية التي نتج بسببها خروقات جمة و تغيير أو تجاهل كل الاتفاقيات ومنها تغيير محوري لمواد عدة في دستور الوحدة بعد حرب 1994م. هو الدستور نفسه الذي تتغنى به عدة أطراف بأنه تم الاستفتاء عليه بعد وحدة 1990م. فخلقت هذه الممارسات المخالفة بشكل واضح للأعراف والقوانين الدولية وأمام المجتمع الدولي لقرابة العقدين ما بات يعرف اليوم بالقضية الجنوبية.
النتيجة العامة التي قادت إليها أفعال نظام صنعاء تجاه أبناء الجنوب مع تدمير البناء المؤسسي والإنتاجي لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبتدميرهما نتج عنها تدمير معايير التوازن الوحدوي وفتح الطريق أمام الانهيار النفسي والمعنوي عند مشاعر الجنوبيون مما نتج ذوبان الإيمان بالوحدة عززها الممارسات المستمرة من قبل النظام السابق و صيغة النظام الانتقالي الحالي.
الموقف الإقليمي والدولي في فترة الأزمة السياسية والعدوان في عام 1994م:-
في الفترة من 22-11-1993م إلى 18-1-1994م.. عقدت لجنة حوار القوى السياسية أعمالها المتواصلة في كل من صنعاء وعدن في مسعى لاحتواء الأزمة السياسية للوصول إلى المخارج الحقيقية للدفع بمسيرة الوحدة التي تم التوقيع عليها في 22 مايو 1990م. خرجت الجهود بالتوقيع على وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في تاريخ 20 فبراير 1994م في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك حسين – رحمه الله – وبمباركة إقليمية. ولكن تم الالتفاف عليها من قبل علي عبدالله صالح بشهادة اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقائد الفرقة المدرعة الأولى وتم إعلان الحرب في ميدان السبعين في تاريخ 27 ابريل 1994م.
لقد تعاطى الموقف الإقليمي والدولي ايجابيًا مع الأزمات المتلاحقة في اليمن جنوبًا وشمالا منذ بدء ظهورها بعد الإعلان الاتحادي بين الدولتين عام 1990م؛ ببدء الأزمة والحرب بين الطرفين في أعوام 1993-1994م، حين عقدت دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعات متواصلة لحل الأزمة ومنع الحرب وأصدرت العديد من البيانات كان أهمها البيان الذي صدر في مدينة أبهاء في المملكة العربية السعودية الذي تضمن رفض دول المجلس لفكرة فرض الوحدة بالقوة من قبل طرف على طرف أخر، وحين تجاهلت الجمهورية العربية اليمنية هذا البيان وأعلنت الحرب وبدأت بالفعل باجتياح أراضي دولة الجنوب ذهبت القضية إلى مجلس الأمن الذي عقد سلسلة من الاجتماعات بهذا الشأن وصدرت عنه القرارات الدولية رقم (924) و (931) التي طالبت بوقف الحرب وعودة القوات إلى مواقعها السابقة وعدم جواز فرض الوحدة بالقوة وألزمت الطرفين العودة إلى طاولة التفاوض وأبقت على القضية قيد النظر. يشكل بيان دول مجلس التعاون الخليجي الذي صدر بشأن الأزمة والحرب بين الدولتين وكذلك القرارات الدولية (924)(931) بذات الشأن أساسًا للعودة للتفاوض بين الشمال والجنوب لحل قضية الجنوب مثلما يشكل اتفاق الدوحة أساسًا لحل مشكلة صعده، وتشكل المبادرة الخليجية والقرار الدولي (2014) أساسًا لحل قضية السلطة المغتصبة في صنعاء بدليل تعريف الطرفان بالآلية المزمنة للمبادرة الخليجية بالتحالف الوطني (المؤتمر الشعبي العام وحلفائه) كأحد الطرفين، والى المجلس الوطني (أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه) كطرف آخر.
تميزت المرجعيات الدولية بشأن التعامل مع الأزمة اليمنية بأتباع مبدأ التدرج من خلال محاولات البحث عن حلول للمشكلات والقضايا بوجود السلطة التي صنعتها، وحين ثبت من خلال التجربة استحالة الوصول إلى ذلك انتقلت إلى فصل صناع المشكلات عن المشكلات ذاتها وجاءت المبادرة الخليجية والقرار الدولي (2014) لتركز على نقل نمط الحكم إلى سلطة انتقالية جديدة تمهيدًا للبدء بحل مشكلات عدة ضمن مرحلة انتقالية يتم تحديد وظائفها وآلياتها وسقفها الزمني الذي تحدد بسنتين، قضاياها وأطرافها، منطلقات ومسلمات الحوار والتفاوض بين الأطراف، كما جرى قبل التوقيع على المبادرة. والأمر نفسه يستوجب وجود اتفاق دولي بشان المرحلة الانتقالية يستند على مرجعية الموقف الإقليمي والقرارات الدولية التي صدرت بشأن أزمات اليمن، قضاياها، أطرافها، آلياتها، اتفاق تتبناه دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن الدولي وتكون الطرف الراعي والضامن للاتفاق وتوقعه الأطراف المعنية بالنسبة لقوى التغيير في الشمال.
أما القضية الجنوبية رغم محاولات عدة لتصغيرها مع اعتراف الكل وبشكل غير رسمي بأنها أم القضايا، ولكنها لها خصائصها تجعلها جزء مهم للمجتمع الدولي ومساعيه لإحلال الأمن والاستقرار والسلم العالمي وليس جزء من مشاكل اليمن الأخيرة. فلهذا تعتبر قضية شعب ومنعزلة لأسباب سياسية بحته تعود تاريخها لاتفاقية نكثها احد الأطراف ويصعب حل خروقاتها ومظالمها الفظيعة فقط من خلال حوار تحت مبادرة ذكرتها بشكل اقل من هامشي وانتكست أكثر وبشكل سلبي عندما جعلت ثقل الشعب الجنوبي وقضيته متمثل بسكانه ومسحاته وثرواته يساوي بعض شرائح المجتمع متمثله بالشباب والنساء وفصائل ومكونات أخرى لم تعتبر يوما دوله ولا ترفد خزينة صنعاء بأكثر من 70٪ وتقدر مساحته بثلثي الجمهورية الحالية.
رؤية للمرحلة الانتقالية:-
تنقسم المرحلة الانتقالية إلى ثلاثة مراحل مترابطة ومتتالية ولا يمكن تجاهل احدها او تغيير ترتيبها لضمان حوار/تفاوض بناء ومسئول لتسوية الأرضية وتهيئة المناخ السياسي لتعزز جو من التفاهم والثقة للخروج الى بر الأمان إيماناً بانسجام هذه البوادر مع المنظومة الدولية وشرعيتها القانونية.
1. مرحلة ما قبل الحوار/التفاوض أي بوادر حسن النوايا ومقياس الجدية
2. مرحلة الحوار/التفاوض منقسمة لمرحلتين
3. مرحلة ما بعد استكمال الحوار/التفاوض
الهدف
قبول الطرف الشمالي بمبدأ الحوار/ التفاوض وبدون سقوف تنتج عنه طرح الرؤية والجدول الزمني بالإضافة إلى حزمة من الشروط والأسس للانطلاق إلى آلية ومناخ مناسب مبني على حسن النية والتقيد بها ومواصلة كافة الجهود لتطبيقها ووضعها موضع التنفيذ على النحو الوارد فيها برعاية الأطراف الإقليمية والدولية.
الشروط وبوادر حسن النية:-
1. الاعتذار الرسمي لشعب الجنوب من حكومة الوفاق وشركاء الحرب
2. التفاوض يكون تحت رعاية إقليمية ودولية وفق قرارات الشرعية الدولية (924) و(931) والصادرة أثناء الحرب
3. الاعتراف الصريح بقضية الجنوب كقضية سياسية بامتياز وبحق شعب الجنوب في تقرير مصيره
4. الإقرار بان مشروع الوحدة السياسية 90م بين الدولتين (الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) قد فشل ولم يعد لها وجود بعد إعلان الحرب على الجنوب واحتلاله في 7يوليو 1994م بشهادة رموز بعض قوى التغيير
5. أن الحراك السلمي الجنوبي هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية
6. إلغاء الفتوى الدينية التكفيرية ضد شعب الجنوب
7. إعادة كل ما تم نهبه تحت هذه الفتوى أو بشكل غير شرعي أو قانوني خاص أو عام, لأصحاب الحق
8. سحب القوات العسكرية من الجنوب وإعادتها إلى مواقعها السابقة قبل عام 1990م وأولها تلك التي ارتكبت جرائم بحق المواطنين في القرى والمدن الجنوبية لكونها تعتبر تذكير وترسيخ بنكبة 1994م وعقلية الوحدة المعمدة بالدم وإذا كان يعتبر وجودها هو لحماية الوطن كما يدعي الكل، فيمكن استبدالها بقوات والويه جنوبية.
9. إبطال كافة الإجراءات والوثائق التي تم إصدارها بعد 7/7/1994م أي بعد حرب صيف 1994م
10. الاعتراف بالممارسات والانتهاكات القمعية أثناء النضال السلمي لشعب الجنوب وإيجاد الآلية من الأمم المتحدة لتوثيق ورصد الانتهاكات للقانون والاتفاقيات الدولية وذلك بإرسال بعثة لتقصي الحقائق خاصة للجنوب ليندرج تقريرها كبند أثناء التقارير المقدمة لمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان أسوة بضحايا ثورة التغيير والتقرير الخاص لمجلس حقوق الإنسان الصادر في أكتوبر من عام 2011م
11. إصدار قرار فوري لإيقاف البيع أو التصرف بأي ممتلكات خاصة أو عامة أو أراضي في الجنوب حتى تنتهي اللجان من جرد وتوثيق النهب
12. إعادة صحيفة الأيام وإسقاط كل الدعاوي الباطلة ضد طاقمها وتعويضهم التعويض العادل مع إصدار العفو للمرقشي
الأسس والمبادئ العامة:-
كل ذلك ينبغي أن يشكل مضمونًا للاتفاقية الدولية المقترحة بشأن المرحلة الانتقالية والتي يفترض فيها أن تبدأ بالإعلان عن ثوابت ومسلمات المرحلة الانتقالية واعتبارها منطلقات للحوار والتفاوض بين الأطراف ويمكن إيجازها بما يلي:
1. لا شرعية قائمة سواء شرعية الشعبين (الشعب الجنوبي والشعب الشمالي) مضاف إليهما شرعية المرجعيات الإقليمية والدولية التي صدرت بشأن الوضع في اليمن شمالا وجنوبًا المشار إليها في ثنايا هذا المبادرة.
2. الشعبان في كل من الجنوب والشمال هما الطرفان السياديان كل على إقليمه الجغرافي، وبقوة حقهما السيادي المعترف به من قبل العالم ومؤسساته الشرعية فهما يتمتعان بحق تقرير المصير.
3. السيادة وحق تقرير المصير حقوق طبيعية تتمتع بها كل شعوب الأرض.
4. حق تقرير المصير حق ثابت تستخدمه الشعوب في صياغة العلاقات السيادية الداخلية وفي تحديد شكل العلاقات السيادية مع الشعوب والدول الأخرى.
5. الإقرار بأن مضمون الأزمة يرتبط ارتباط وثيق بفشل الوحدة السياسية بين الدولتين وانهيار الدولة الموحدة.
6. الإقرار بواقع التفكيك والتدمير الذي تعرض له البناء المؤسسي للدولتين شمالا وجنوبًا وحاجة كل طرف إلى إعادة بناء ذاته الوطنية.
7. جميع الأطراف عرب ومسلمين، واللغة العربية لغتهم الرسمية وديانتهم الإسلام.
8. وقف القتل خارج نطاق القانون والانتهاكات خلال المراحل المذكورة.
9. الأمم المتحدة ومنظماتها تعمل على تفعيل حماية المواطنين و الدعوة للامتثال والتقيد بمبادئ والاتفاقيات الدولية.
10. احترام حقوق الإنسان ودعمه من خلال السماح للمنظمات الدولية مزاولة عملها والزيارات وفتح مكاتب لها إذا طلبت ذلك.
11. حرية العمل النقابي والمهني والإبداعي: الفكري والثقافي.
12. حرية التعبير والتنقل والتجمع والحريات العامة والالتزام القانوني للاتفاقيات الدولية المصادق عليها.
13. حرية الصحافة وعدم التصدي وثني مسارها طالما تعمل بما يكفله القانون والاتفاقيات الدولية.
14. احترام الآراء والأطروحات مهما كانت و لا يسمح بالمهاترات الإعلامية خلال هذه المراحل.
15. أن تبدأ المراحل وهناك استيعاب و إدراك من قبل جميع الأطراف ومن ضمنها الإقليمية و الدولية بأنه لا توجد هناك سقوف محددة أو مشروع مفروض على أي طرف.
16. تلتزم كافة الأطراف السياسية، بعد أن وقعت عليها بالتقيد بها ومواصلة كافة الجهود لتطبيقها ووضعها موضع التنفيذ على النحو الوارد فيها.
17. نجاح تنفيذ نصوص و آلية المبادرة الخليجية لا تعتبر ملزمة لشعب الجنوب ولا تعتبر حل لقضيته أو لتطلعاته المشروعة وفقط مخرجات الحوار/التفاوض تعتبر ملزمة ومن قبل المخولين شعبياً بالطريقة المذكورة هنا.
18. يحترم جميع أبناء الجنوب الموجدون في هرم السلطة أو حكومة الوفاق الوطني ولكن لا يعني وجودهم هو حل للقضية الجنوبية إيماناً أن الحلول بعيدة المدى لا تحل بشكل غير واقعي أو سطحي ومخالفاً لحقائق واضحة موجودة على ارض الواقع.
19. يرحب بالأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بصفة المراقب والمحايد و إعطاء الاستشارات وليس أطراف أو مجموعة ضغط على أي طرف في الحوار/التفاوض.
20. تقوم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحل الصراعات حو العالم منها لجنة بناء السلام بتقديم ندوات وجلسات توعية للجان/الفرق الجنوبية والشمالية و ترجمة التقارير والتوصيات باللغة العربية لكي تكون رافد ثقافي لبناء القدرات، فهم القانون الدولي، الحكم الرشيد، العدالة الانتقالية وغيرها من القضايا ذو الاختصاص لإغناء الحوار/التفاوض.
21. احترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة والمصالح الإقليمية و الدولية, ونبذ العنف التي تتجلى بشعارات ذو نبرة أو نزعة مسلحة مثل “الوحدة أو الموت”.
22. إطلاق معتقلي الرأي من أبناء الجنوب من زنازين النظام في صنعاء.
23. لا يحبذ أن يكون أي من أعضاء الفريق/الطرف الشمالي من قام بارتكاب جرائم ضد أبناء الجنوب أو أفتى أو نهب الأراضي والممتلكات لاعتبارها خروقات لمبدأ تضارب المصالح المعترف به دولياً، ولا بأس من أي عضو كان طرف محاور أثناء حرب 1994م أو دبلوماسي لم يرتكب أي جرائم فساد أو قتل لبقاء نقاء التفاوض والوصول لنتيجة تعكس حضارية الموقف وحساسية المسألة والظرف.
1. أطراف الحوار/التفاوض:-
تجمع الأطراف كلها (الجنوب، الشمال، والخارج بشقيه الإقليمي والدولي) على حصر مُركب الأزمة السياسية القائمة بثلاث قضايا ومشكلات كبرى هي:
1. قضية الجنوب.
2. قضية السلطة في الشمال و أطراف ثورة التغيير.
3. مشكلة الحوثيون في صعده.
ــ الأولى قضية دولة احتلت باعتراف أطراف ثورة التغيير والجيش المؤيد لها و جرى اغتصابها ونهبها واستبيحت سيادة ودماء شعبها على أرضه، سلبت حريته وحقه في تقرير مصيره طرفاها الشمال والجنوب.
ــ الثانية قضية سلطة داخل الدولة في الشمال اغتصب الحكم فيها، قرر الشعب في اليمن الشمالية إزالة حالة الاغتصاب واستعادة سلطة الشعب طرفاها شعب اليمن الشمالية والنظام السياسي المغتصب للسلطة.
ــ أما القضية الثالثة فترتبط بخصوصية منطقة جغرافية تسمى بقضية الحوثيين؛ وهي مشكلة داخلية تخص الأطراف المعنية داخل اليمن الشمالية.
2. مرحلة الحوار/التفاوض:-
الهدف
نجاح المرحلة السابقة والأسس ومحتواها بين الأطراف تنقل الآلية لمرحلتها التالية وتعد بداية للتواصل والنقاش لوضع روية و بلورة خارطة طريق حقيقية تحفظ الود وحسن الجوار الجغرافي و طرح الوسائل والمشاريع في سياقها القانوني منبثقة من الشرعية الدولية وتجارب أخرى بالرغم من أن القضية الجنوبية فريدة من نوعها. وفي هذا المرحلة تضع الخطوط والآليات الملزمة من قبل الأطراف والإعداد لخطوات مزمنة للمرحلة ما بعد الحوار/التفاوض.
الآلية والجدول الزمني الآمن:-
الطابع المركب للأزمة وتعدد حلقاتها واختلاف موضوعاتها ينبغي أن يشكل أساس للتعامل مع المرحلة الانتقالية وتحديد أطرافها ووظائفها وتقسيم مراحلها ووضع خارطة لمسارات الحوار وإستراتيجية التفاوض بين الأطراف الرئيسية وبين المكونات الفرعية الداخلية داخل كل طرف وعلى النحو التالي:
أ. فترة التهيئة والأعداد:-
1. تحدد من قبل المجتمع الدولي ويفضل أن تكون فترة سانحة وكافية بعد الأخذ بتوصيات منظمات مختصة وكما تعتبر الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية تكرس لأجراء الحوار الوطني بين المكونات داخل كل من الطرفين الرئيسيين (الجنوب والشمال) وبحسب المشكلات والتحديات التي يعاني منها كل طرف بحيث يفضى إلى إعادة البناء السياسي والمؤسسي لكل طرف وإلى قيادة سياسية تمتلك شرعية تمثيله ديمقراطياً أو توافقياً والتحدث باسمه وتتم بعدها الموافقة و التزكية واعتراف إقليمي و دولي بأطرافها لإضفاء شرعية دولية كحكومة الوفاق الوطني لحل ثورة التغيير في الشمال.
2. لابد وان يبدأ بإزالة الآثار المادية للحرب و إلغاء عقود بيع المؤسسات الجنوبية وإعادة بناءها بشكل مهني بمعايير دولية باعتبار أنها احد الأساليب و العمل الممنهج لتدمير البنية التحتية والإنتاجية للجنوب كأثر من آثار الحرب.
3. الموافقة في إشراك أبناء الجنوب ودعمهم بكل السبل لمحاربة الإرهاب وتطهير مناطقهم عند الضرورة متمثلة باللجان الشعبية أو ما يشبها والتي أثبتت فعاليتها في الحرب الأخيرة في محافظة أبين الجنوبية.
4. تعطي فرصة إذا لزم الأمر لاستكمال المبادرة الخليجية وأهداف ثورة التغيير ومنها هيكلة الجيش و الأجهزة الأمنية و تفعيل مبدأ العدالة الانتقالية والحكم الرشيد و تنقية القضاء الخ وليس المحورية كالدستور والبرلمان التي سيعتبرها الجنوبيون بأنها إعادة ممارسة سياسة الأمر الواقع ونسخة من عقلية النظام السابق والتجييش ضد الجنوب وتحت مجهر المجتمع الدولي. علماً بان المبادرة الخليجية تم استصدارها وبشكل واضح وصريح لحل ثورة التغيير و لم تعبر عن طموحات شعب الجنوب أو إشراك الطرف الجنوبي أثناء نقاشها ولم تلتفت لجذور القضية الجنوبية بشكل معمق حسب المعايير المتعارف عليه دولياً ولهذا لا تعتبر ملزمة لشعب الجنوب بل نتائج التفاوض هو الشيء الملزم الوحيد بعد المرور والموافقة على شرعية تمثيله كما ذكر سلفاً.
5. تعطي فرصة لبحث كافة القضايا و وضع آلية تنفيذية للعام الثاني أي مرحلة الحوار مع تأجيل تعديل والاستفتاء على الدستور الذي لن يعتبر ملزم وقد يفشله أبناء الجنوب مما يعني فشل المبادرة ومساعي المجتمع الدولي وفرضه بالقوة هزيمة للديمقراطية الناشئة ومبادئها.
6. تشكيل لجنة للمتابعة والتواصل جنوبية شمالية وتلتقي كل ثلاث أشهر بوجود الأطراف الإقليمية و الدولية في الرياض أو الدوحة.
ب. فترة الحوار/التفاوض الحقيقي:-
يحدد زمنها المجتمع الدولي و يبدأ فيها التفاوض بين الشمال والجنوب بشأن تقرير مستقبل العلاقات السياسية بين الطرفين وعلى قاعدة الإقرار بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره ويتم الحوار/التفاوض في مبنى الأمم المتحدة في جنيف أو نيويورك بشكل متفق عليه وبإشراف الجهات المعنية الدولية والإقليمية و ذو الاختصاص.
ج. دور دول الجوار والمجتمع الدولي في مرحلة التهيئة والتفاوض:-
1. تتبنى الأمم المتحدة إضافة قرارات مجلس الأمن الصادرة أثناء الحرب في عام 1994م لبنود الحوار/التفاوض كبنود أساسية ونافذة بحكم أنها مازالت سارية المفعول.
2. إصدار قرار حسب الآلية المتبعة لإرسال بعثة لتقصي الحقائق تابعة لمجلس حقوق الإنسان وبحضور المنظمات الحقوقية الدولية لرصد الانتهاكات الدولية في الجنوب منذ 1994م واعتماده من قبل مجلس الأمن.
3. أن توصي الأمم المتحدة منظمة الشفافية الدولية بفحص الاتفاقيات الموقعة في مجالات النفط والغاز و الثروات المعدنية وميناء عدن وغيرها.
4. تكليف لجنة من شخصيات ومتخصصون عرب وأجانب محايدين لجرد ورصد النهب للأراضي والمؤسسات في الجنوب ورفعها للأمم المتحدة و تسليم نسخ للأطراف الجنوبية والشمالية.
5. أن لا تؤيد أو تتبنى الأطراف الإقليمية أو الدولية سقف للحوار/التفاوض في المرحلة المزمنة أعلاه حتى لا يتعكر الحوار و ينضوي على قرارات مسبقة من قبل جهات قد لا تتناسب مع مطالب الشعب في الجنوب و تودي إلى فشل وانسداد الأفق وتعكير الأجواء التفاوضية.
6. أن تساعد الأمم المتحدة وبشكل حيادي في طرح وتوضيح الآلية ونصوص الاتفاقيات والقانون الدولي في أي استشارة أو طرح يقدمه أي طرف جنوبي أو شمالي من خلال هيئاتها ولجانها المختصة.
7. وضع تصور استباقي من قبل الأمم المتحدة لحماية شعب الجنوب المسالم من أي تهور أو تطور قد يقدم عليه الطرف الشمالي الذي قد يسبب بشكل عكسي تدهور بالأمن والسلم والاستقرار العالمي وبمشاركة المنظمات ذو الاختصاص.
8. طرح تصور والية احترازية تشمل بشكل صريح على بنود رادعه للأطراف المتفاوضة لتجنب الاستهتار بفعالية الحوار/التفاوض وتشرك فيها المنظمات ذو الاختصاص.
9. تحويل أي مبالغ أو دعم إقليمي ودولي إلى منظمة دولية مستقلة تشرف على صرفها بمعايير عالمية معترف بها و منبثقة بما تقدمه توصيات لجنة حصر التدمير في الجنوب والشمال لتجنب استمرار التمييز وتعويض المواطنين الجنوبيين من تم إقصاءه من عمله أو سلب حقه بشكل تمييزي وعنصري منذ حرب 1994م. بالإضافة لإعادة ما خرب بشكل واضح مما تم رصده من قبل الجهات المختصة المذكورة سلفاً.
3. مرحلة ما بعد استكمال الحوار/التفاوض:-
الهدف
تمثل حزمة و ملف يشمل خارطة طريق وبحسب الحوار/التفاوض قد تشمل بنود, آليات تنفيذية, مبادئ, مقترحات وأبعاد إستراتيجية أو أي نصوص قد تم إقرارها في المرحلة السابقة ولابد أن تستكمل برعاية وإشراف الأطراف الإقليمية والدولية أيضاً.
دور الأمم المتحدة, مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية:-
ممارسة الضغوط الدبلوماسية لدفع خطوات الحوار/التفاوض بشكلها المذكور حتى الخروج من النفق والوضع الأمني المزري إلى دائرة الأمان ليحفظ السكينة والسلم للشعبين والمنطقة والعالم. تنتهي المراحل بنقل الملف لمجلس الأمن لمناقشته بين دول الأعضاء واستكمال المخارج القانونية وتتطرق للتالي:
1. تفنيد وضم أي مخرجات ونتائج أو خارطة طريق وما ينتجه الحوار/التفاوض.
2. يرحب بالقرار من قبل الدول دائمة العضوية.
3. يؤخذ بعين الاعتبار بأي توصيات لمجلس حقوق الإنسان بخصوص زيارة لجنة تقصي الحقائق للجنوب.
4. يشمل تقرير لجنة حصر النهب والتدمير لمقومات الجنوب من مؤسسات ومصانع ومنشآت الخ.
5. يُذكر فيه الأطراف السياسية الجنوبية والشمالية بالمسؤولية والاستجابة للعملية السياسية وتطلعات الشعوب المشروعة. 6. يُذكر الأطراف على مسئوليتها في صيانة الأمن والسلام العالمين بموجب ميثاق الأمم المتحدة ونبذ استخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية.
7. يحث كافة الأطراف الالتزام بلعب دور بناء وشامل في المشروع أو خارطة الطريق المتفق عليها وإنجاز التسوية السياسية على أساس نتائج الحوار/التفاوض بين الطرفين الجنوبي والشمالي.
8. يطلب باستمرارية مواصلة المساعي الحميدة حسب الجدول المقترح من قبل الأطراف السياسية في الجنوب والشمال والناتجة عن الحوار/التفاوض، وتنفيذ بنود القرار، وتشجيع كافة الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية في المساهمة في هذا الهدف.
9. يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير حول تنفيذ هذا القرار والفترة تقرر بما تقتضيه الحاجة حينها.
10. يقرر أن تبقى المسالة قيد النظر بشكل نشط واستكمال ودفع بأي إجراءات تنسجم مع نتيجة الحوار/التفاوض.
خاتـــــــمة:-
إن إنجاز هذه المبادرة بالاتفاق على ما ورد فيها يشكل أساساً قوياً لإصلاح الأوضاع المأساوية من الناحية السياسية, الاقتصادية والحقوقية، ويخرجها من كافة أزماتها المتلاحقة التي عرفتها وإخضاعها للقلق والاضطرابات التي قد تسبب في إقلاق السكينة الدولية في موقع استراتيجي في ظل الانفلات الأمني الذي لن يخدم إلا بؤر الإرهاب وزعزعة الأمن والسلم العالمي.
إنجاز عمل كهذا يتطلب إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف داخلية وإقليمية ودولية ونية نابعة من المصلحة العليا للشعبين بعيدا عن المصالح التجارية، الحزبية، الشخصية، العائلية، المناطقية والقبلية الضيقة والحفاظ على المسيرة والخيار الديمقراطي الحقيقي الشفاف والتأكيد على بقاء روابط الأخوة وحسن الجوار وتحقيق رغبة شعبانا في تحقيق أهدافهما بشكل حضاري لينعم في حياة راقية وعادلة تحمي أمن الإنسان واستقراره ورخائه.
- الأمل من أن يخرج الجميع بنتائج كالتالي:
1. حلول سياسية جنوبية توافقية بجميع أطيافها واتفاق تكامل اقتصادي بين أجزاء الجنوب فيما بينه.
2. حلول سياسية شمالية واتفاق وتكامل اقتصادي جنوبي شمالي.
3. حلول سياسية و امتيازات اقتصادية للجنوب والشمال تقدمها القوى الإقليمية و الدولية بحكم الموقع الاستراتيجي للجنوب والشمال لدول الخليج ولانتزاع فتيل الخطر وتجسيد عناصر وحلول دائمة للمنطقة تعزز الأمن والاستقرار الدولي.
ومن الله نرجو التوفيق وهو من وراء القصد
عادل مطلق عبدالله حسن
مواطن جنوبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق