بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأحد، 25 مارس 2012
إلى القادة التاريخيين . . . وحدونا أو دعونا نتوحد (بقلم د. عيدروس نصر ناصر )
إلى القادة التاريخيين . . . وحدونا أو دعونا نتوحد (بقلم د. عيدروس نصر ناصر )
السبت, 24 مارس 2012 03:51
لست من المتحمسين لمفهوم "القيادات التاريخية" التي درج اليمنيون على استخدامه كلما اقتضت الحاجة الحديث عن الشخصيات الوطنية ذات الأدوار البارزة على مدى مراحل تاريخية طويلة تمتد لعقود وبعضها لما يتجاوز نصف القرن، لكن عدم الحماس هذا لا ينفي الاعتراف بالأدوار المتميزة التي لعبها البعض من الشخصيات الوطنية في مراحل النضال المختلفة ضد الإمامة والاستعمار أو في مراحل البناء اللاحقة.
إن الاعتراف بالأدوار التاريخية لهؤلاء المناضلين لا يمنحهم الحق في الاستمرار في التحكم في مسار الحياة السياسية وافتراض أن الحقيقة الوحيدة هي تلك التي في رءوسهم وإن ما عدا رؤاهم وتصوراتهم هو الباطل الزهوق.
أقول هذا بمناسبة الحديث عن محاولة توحيد مواقف المعارضة السياسية الجنوبية في الخارج، ونحن قادمون على مؤتمر الحوار الوطني الذي يفترض فيه أن يعيد الاعتبار لمعايير المواطنة وتقرير حق الجنوب والجنوبيين في الاعتراف بما لحق بهم من ضيم على مدى ما يقارب عقدين من الزمن وبالتحديد بعد الحرب اللعينة في 1994م التي حولت المشروع الوحدوي إلى مكسب شخصي لرأس السلطة المنتصرة على الشعب وحولت الجنوب إلى غنيمة حرب تقاسمها المنتصرون (الشماليون والجنوبيون على السواء) كما يتقاسم الورثة تركة آبائهم وأجدادهم أو كما يتقاسم اللصوص غنيمتهم.
وبمناسبة الحديث عن مؤتمر الحوار الوطني وبصدد القضية الجنوبية، إن المنطلق الأساسي لأي حوار وطني هو الاعتراف بمشروعية وعدالة القضية الجنوبية وهذا الأمر قد صار تحصيل حاصل حيث يقر الجميع بما لحق بالجنوب من ظلم وتعسف، صار يجهر به حتى من ساهموا في صناعته، وبغض النظر عن مزايدة المزايدين ومن يريدون أن يسخروا هذا الاعتراف لغرض المماحكة مع بعضهم البعض فإن ما يهم المواطنين الجنوبيين هو استعادة الحقوق المنهوبة والثروات المسلوبة والحريات المصادرة والثقافة الممسوخة والشخصية المهمشة والتاريخ المزور على مدى ما يقارب عقدين من الزمن، فضلا عن آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى والمعوقين الذين قضوا جراء العنف الرسمي في مواجهة فعاليات الحراك السلمي على مدى أكثر من خمس سنوات، واستئصال كل الآثار التدميرية لحرب 1994م الظالمة.
لقد مكنتني الصدفة بمعية عدد من المواطنين اليمنيين القيمين في بريطانيا، من المشاركة في إحدى الندوات التي نظمها المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية المعروف بـ ( (HCATHAM HOUSEتناولت الشأن اليمني تحت عنوانين رئيسيين: القضية الجنوبية، والحوار الوطني، وبصدد القضية الأولى أجمع المشاركون، وهم باحثون ومتخصصون في شئون اليمن وصحفيون وكتاب وأساتذة جامعيون بريطانيون وأمريكيون ، أجمعوا على مشروعية وعدالة القضية الجنوبية لكنهم أجمعوا أيضا على صعوبة التقاء المعارضة الجنوبية عند موقف واحد وتفكك وتمزق من يتبنون القضية الجنوبية وهو ما يقتضي الوقوف الجاد والصريح مع القيادات الجنوبية لمساءلة النفس: ماذا قدمتم للقضية الجنوبية، وماذا يمكنكم أن تقدموا وهل وجودكم في الحياة السياسية للجنوبيين يخدم القضية الجنوبية أم إنه يلحق بها بعض الضرر.
أتذكر جيدا خلال الأعوام 2007، 2008 وحتى بداية العام 2009م عندما كان الحراك السلمي بدون قيادات تاريخية في الخارج، وكانت مشاركة تلك القيادات تنحصر في دعم الفعاليات الميدانية ومؤازرة الناشطين الميدانيين دون ادعاء الوصاية أو ممارسة الزعامة عليها، . . .كان الحراك يمر بأقوى فترات حياته وكان الناشطون السياسيون الجنوبيون يقفون على قلب رجل واحد، وحتى عندما تكونت حركة نجاح، والمجلس الوطني، وهيئة الاستقلال والهيئة الوطنية، لم يعرف الناشطون السياسيون في الحراك تلك التناقضات والانقسامات والمماحكات التي يشهدها الحراك الجنوبي اليوم، وهو ما يقتضي التساؤل الصريح: إلى أي مدى ساهمت إعادة ظهور القيادات التاريخية في إذكاء نيران التباين والخلاف داخل صفوف الحراك، وتحويله إلى جزر تابعة لهذا القائد او ذاك الشيخ.
أعرف جيدا أن أصابع المطابخ المخابراتية لسلطة علي عبد الله صالح ليست ببعيدة عن ما يعانيه الحراك السلمي من تنافر وانقسام، وليس أدل على ذلك من إقدام عناصر تدعي الانتماء إلى الحراك على أعمال عنف ذهب ضحيتها بعض الأبرياء المنتمين إلى محافظات شمالية، دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكنا لكشف ملابسات قضايا كهذه، ومن حسن الحظ أن كثير من مكونات الحراك قد أدانت تلك الأعمال ونظمت فعاليات تضامنية مع ضحاياها، لكن ذلك لا يعفي "القيادات التاريخية" من التقصير في الحرص على وحدة الموقف الجنوبي وتقديم القضية الجنوبية بمضمونها الوطني والحضاري والإنساني بما يجذب لها المزيد من الأنصار ويقلل من دائرة المتحاملين عليها بسبب سوء تقديمها للشركاء المحليين والإقليميين والدوليين الذين لا يمكن الاستغناء عن تفهمهم لمشروعية هذه القضية وعدالتها، مع تقديرنا للجهود التي يبذلها بعض المعارضين الجنوبيين في الخارج ونشطاء الحراك في الداخل.
القضية الجنوبية تستدعي التنازل من الجميع من أجل ما هو أكبر والكف عن المكابرة والعناد والتوقف عن اعتبار التنازل عن الموقف انتقاصا ممن يتنازل من أجل قضية كبرى، من لديه قضية شخصه فشخصه بالنسبة للمواطنين الجنوبيين لا يساوي شيئا ومن لديه قضية كبيرة فهي لا بد أن تعبر عن الجميع، وإذا كان حضور (القيادات التاريخية) يلحق الضرر بالقضية الجنوبية فتواري تلك القيادات أفضل من استمرارها في واجهة الحياة، وإذا لم يكن حضورها يقدم ما يخدم القضية فحضورها لا يختلف عن غيابها.
ما يقوله اليوم الناشطون في القضية الجنوبية وكل المواطنين الجنوبيين: إن على من نسميهم بـ"القيادات التاريخية" أن يساهموا في توحيد الساحة الجنوبية ويبتعدوا عن سياسة تكوين المحاور والاستقطاب على حساب القضية الجنوبية التي هي بأمس حاجة لوحدة كل النشطاء السياسيين الجنوبيين، وإذا لم يستطيعوا الإقدام على خطوة كهذه فليدعوا الجنوبيين يتوحدون بالطريقة التي تناسبهم، ومثلما اتحدوا في معارك الحراك السلمي منذ العام 2007 فإنهم كفيلون بالسير على طريق التعبير عن مشروعية ومضمون القضية الجنوبية وإعادتها إلى الواجهة السياسية اليمنية، وعلينا أن نشكر من أسهموا في نصرة القضية الجنوبية دون أن نلزمهم في الاستمرار في مسيرة تحتاج إلى فكر جديد وفهم جديد للقضايا السياسية الوطنية تتجاوز منهج السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات من القرن المنصرم، وتستوعب المتغيرات العاصفة التي شهدها العالم ككل ومنطقتنا العربية على وجه الخصوص.
برقيات
* التعازي القلبية للأخ العميد محمد حسين اليزيدي بوفاة ابنه في حادث الاعتداء الذي جرى في مدينة عدن مطلع الاسبوع، سائلين الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
* أصدق مشاعر الحزن والمواساة للأخ عبد الحكيم السعدي بوفاة ابنه المهندس احمد إثر حادث مروري تعرض له في مدينة دراسته بالولايات المتحدة الأمريكية سائلين الله للفقيد الرحمة والغفران ولأهله وذويه الصبر والسلوان.
* يقول الشاعر العظيم أبو الطيب المتنبي
كُلّمَا أنْبـــــــــَتَ الزّمَانُ قَنَاةً رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا
وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتــــــَفَانَى
غيرَ أنّ الفــَتى يُلاقي المَنَايَا كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا
وَلَوَ أنّ الحَــــــيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ لَعَدَدْنَا أضـــــــَلّنَا الشّجْعَانَا
وإذا لم يَكُنْ مِنَ الــــمَوْتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجْزِ أنْ تموت جَبَانَا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق