بحث هذه المدونة الإلكترونية
الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011
لأغنام الشاردة في أكثر من اتجاه تصبح فريسة سهلة للذئاب
تذكرت هذا القول وأنا أتابع الحلقة النقاشية التي أقامها منتدى التنمية السياسية قبل بضعة أيام في عدن والتي كان عنوانها (نحو صوت موحد للجنوبيين) وكان الهدف من هذه الندوة هو فتح الحوار العلني بين المكونات الجنوبية وإشراك الشباب والمرأة في مناقشة القضية التي تهم مستقبلهم السياسي و تؤثر فيهم بصورة كبيرة .
وبقدر ما انتابني شيء من الإحباط في بداية هذه النقاشات نظرا لتباين وجهات النظر بين أفراد البيت الواحد وتصاعد حدة اللهجة المستخدمة في الحوارات بقدر ما بعث في نفسي الطمأنينة بعدها ملاحظتي لحرص الأستاذ علي سيف حسن رئيس المنتدى على إنجاح الحوار إضافة إلى حرصه الشديد على توحيد الصف الجنوبي -كبداية - وليس الصوت الجنوبي من اجل خلق أرضية قوية و ملائمة تحمل القضية الجنوبية على عاتقها وتتحمل أبعادها و مقتضياتها وأعتقد أن الهدف الحقيقي للندوة هو الوصول إلى هذه النقطة ..توحيد الرؤى للقضية الجنوبية لدى الأطراف التي تتبناها.
ومن المؤسف حقا ما نلاحظه في الشارع الجنوبي خلال هذه الفترة، وبعيدا عن التنظير والخطب الرنانة للمعارضة حول القضية الجنوبية، وهي نفسها المعارضة التي دخلت اليوم في وفاق مع النظام الذي ثرنا ضده ، فأن الواقع على الأرض لا يشي أبدا بتفاعلها الحقيقي مع هذه القضية على المستوى المطلوب، وكثير من الجنوبيين لا يثقون مطلقا بهذه المعارضة خاصة وان منهم من يرى انها قد خذلت الشباب في الساحات بتوقيعها على المبادرة الخليجية التي خدمت اللاصالح ولم تحقق الهدف الرئيسي من قيام الثورة وهو إسقاط النظام كاملا بكافة رموزه .
ومن الملاحظ في الشارع أيضا أن أحزاب المعارضة وبعض من قيادات الحراك أحالوا القضية الجنوبية - وربما دون أن يقصدوا أو يعوا - إلى مجرد مسيرات من ناحية و مسيرات مناهضة لها من ناحية أخرى ، فهؤلاء يخرجون بمسيرات تنادي بفك الارتباط ، و هؤلاء يخرجون بمسيرات تعلن حرصها الشديد على بقاء الوحدة مهما حصل ، مع عدم إنكار وجود مسيرات من الطرفين تخرج بتلقائية دون إيعاز أو دعوة من أحد ، وإنما هي عبارة عن حراكات شعبية خالصة تثور من تلقاء نفسها و من إرادتها في التغيير والحرية .
ولكن الأمور وصلت إلى حد مقلق في هذا الجانب فقد بدا أن الهدف الرئيسي الذي هو حل القضية الجنوبية لم يعد محل مرأى الطرفين و غاية حراكهما في الوقت الراهن ، بقدر ما صارت المنافسة بين الطرفين تحتل الأولوية وكأنها أصبحت هي الهدف ، يخرج الحراك اليوم مسيرة حاشدة في المعلا للمناداة بالانفصال ..فتخرج مسيرة أكبر من ساحة الحرية في كريتر ترفع راية الوحدة .. لتتبعها مسيرة أكثر حشدا من الميدان في كريتر أو ساحة الشهداء في المنصورة ترفع العلم السابق للجنوب ...و هكذا من مسيرة لمسيرة مناهضة ، ثم يبدأ التخوين والتشكيك في الدوافع والأهداف بين الطرفين .. فهؤلاء يتهمون حزب الإصلاح بدعم مسيرات الوحدة في عدن وكأنه يرتكب جريمة عظمى في ذلك ويعتبروه تشويشا للرغبة الحقيقية لأبناء الجنوب وكأن الذين يخرجون في هذه المسيرة قد جاؤا من المريخ و ليسوا من الجنوب ... وأولئك يتهمون الأمن القومي وعبد الكريم شائف بخلق فصيل جديد يدعي انه تابع للحراك ، ليعطي زخما أكبر للمنادين بالانفصال ، بحيث تبدو الصورة التي حاول اللا صالح أن يرسمها عن تفتت اليمن بعد رحيله ، هي الأقرب للحدوث و يخلق تحديا جديدا للثورة المتصاعدة ضده في جميع الساحات، وأولئك مخطئون لو ظنوا ان ما يفعله شائف وأتباعه قد يفسد على الحراك نضاله السلمي الذي بدا من 2007 و فقد فيه الجنوبيون مئات الشهداء من اجل الحصول على حريتهم .
هل يمكن القول ان هذا الصراع الذي يحدث الآن في الجنوب يصب في مصلحة القضية الجنوبية والثورة الشبابية الشعبية ضد النظام، في ظني انه ليس في صالح الثورة الشبابية الشعبية بعد ان تحقق أهدافها الكاملة التي قامت من أجلها ، أن تجد ان الوضع قد تفاقم في الجنوب وتحول إلى صراع قاس يصبح بعده الحديث عن وحدة ستظل صامدة ممكنا ، خاصة ان هذا التصعيد الحاصل الآن وصل إلى درجة لا يجدي معها العودة إلى نقطة البداية.
كذلك فان هذا الصراع ليس في صالح القضية الجنوبية ، إذ بدلا من ان تتحد جميع الأطراف في الجنوب لتوحيد رؤاهم في حل هذه القضية ، يصبح كل همهم من فيهم سيبدو صاحب الحجة الأقوى ، ومن فيهم من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر والأقوى التي تؤيده ، و فعلا من سيلاحظ شكل الاحتجاجات و المسيرات التي تخرج في عدن تحديدا خاصة في المناسبات والأعياد الوطنية سيلاحظ استعراض القوى القائم بين الطرفين هناك.
مما لا شك فيه ان جميع هذه الأطراف بالرغم من هذه الأخطاء التي ترتكبها تريد وضع حلا حقيقيا للقضية الجنوبية، و على هؤلاء ان يعوا أن هذه الاستعراضات المثيرة للضحك والخيبة في الوقت نفسه يجب ان تتوقف الآن ، فهي في الأول و الأخير لا تعد استفتاءا حقيقيا لخيار أبناء الجنوب للوضع الذي سيؤول إليه جنوبهم الحبيب في المستقبل ، وكم كنا نتمنى لو يحاول الطرفان الاشتراك معا في بعض المسيرات والمظاهرات و يبدأن بحوارات تقرب بين وجهات النظر للجميع.
ما سيخدم القضية الجنوبية الآن من وجهة نظري المتواضعة هو ان تتوحد الصفوف المتشردة في أكثر من اتجاه، إن الفريق المؤيد للوحدة في الجنوب معروف سواء أكان طرفا مستقلا أو يتبع أحزابا بعينها ، وهو يشكل فريقا واحدا لا هدف له ولا غاية إلا المحافظة على الوحدة وحل المشاكل التي عانى منها الجنوب بعد قيامها.
لكن الطرف الأخر الذي يرى صعوبة حقيقية في بقاء خيار الوحدة ، هو ما يشكو من التباين و يبدو كأنه مجموعة من الفرق التي لا يوحدها شيء بقدر ما يوحدها اختلافها مع الفريق الراغب في بقاء الوحدة.
لذا فان ما يخدم القضية الجنوبية أيضا أن تلتئم لحمة قوى الحراك الجنوبي السلمي بكافة فصائله إضافة إلى مؤيديه من المستقلين الذين لا يدعمون خيار الوحدة ثم يقومون بوضع مسارات محددة للقضية الجنوبية ليصلوا بها إلى أهدافهم وتحقيق خياراتهم في الانفصال أو الحكم الفيدرالي ، كما أن عليهم أن يضعوا من الآن تصورهم للمرحلة القادمة و خطتهم للدولة الجنوبية القادمة ... اذا كانت هذه الدولة هي الخيار الذي سيرسو عليه أبناء الجنوب في آخر المطاف.
إن الخلاف الذي حدث في مؤتمر القاهرة الأخير بين بعض المشاركين والخلاف الذي يسود كثير من المؤتمرات التي تجتمع فيها أطراف القضية الجنوبية يفضح و بشدة الحاجة الملحة لتوحيد أهداف هذه القوى و تحديد مساراتها واختيار آلية فاعلة و مضمونة لتحقيق غايتهم المنشودة.
من ناحية أخرى على الفريق الآخر الذي ينادي بخيار البقاء على الوحدة أن يكف عن ترديد شعار الوحدة أو الموت، كما على المعارضة أن تمنع قادتها و خاصة أولئك الذين لا ينتمون إلى الجنوب من الخوض - سواء في خطبهم أو لقاءاتهم التلفزيونية - في رؤيتهم لحل القضية الجنوبية ، فهذا التصرف منهم يثير حفيظة عدد كبير من أبناء الجنوب حتى أولئك المؤيدين للوحدة ، اذ إنهم يرون أن المخول في التحدث عن هذه القضية هم أبناء الجنوب أنفسهم وأنهم لن يقبلوا بأي املاءات أو رؤى تطرح من سواهم .
وعلى أية حال و بحسب ما جاء في تقرير مجموعة الأزمات الدولية رقم 114 ، فأن هناك ما يشير بقوة إلى أن خيار استمرار الحكومة المركزية والوحدة على ما هي عليها وخيار الانفصال الفوري ، سيمثلان مخاطر جدية باندلاع صراع عنيف ، فالخيار الأول سينكر على الجنوبيين مطالبهم المشروعة بقدر أكبر من المشاركة والسيطرة على مواردهم المحلية ، و كذلك حماية هويتهم و ثقافتهم المحلية ، أما الخيار الأخير فانه لن يغضب الشماليين فقط - و لازال الكلام هنا لتقرير مجموعة الأزمات - بل العديد من الجنوبيين الذين يفضلون بقوة الإصلاح البقاء في سياق الوحدة ، و من شبه المؤكد أن يفضي إلى الحرب .
الخيارات الأخرى - المتمثلة في الفيدرالية بنوعيها - تستحق قدرا أكبر من النقاشات و المفاوضات المستفيضة من أجل التغلب على مختلف المخاوف .
وفي رائي أن هذه النقاشات والمفاوضات المستفيضة التي أشارت مجموعة الأزمات إلى أهميتها ، يجب أن تبدأ من الآن وبشكل أكثر جدية من السابق ومن داخل المحافظات الجنوبية و ليس في مؤتمرات خارجية لا يستطيع المشاركة فيها قطاع عريض من المعنيين بها، ومن الجدير بالإشادة ما قام به الإخوة في منتدى التنمية السياسية في هذا الجانب والنابع من حسهم الوطني وإدراكهم لخطورة المرحلة التي تعد بمثابة عنق الزجاجة بالنسبة للقضية الجنوبية.
في الندوة التي أقامها هذا المنتدى مؤخرا، قال بعض المشاركين انه من الخطأ تسمية الندوة ( نحو صوت موحد للجنوبيين ) لأن ذلك شيء مستحيل ، والحقيقة أن الخطأ يكمن في قولهم هذا ، فهذا يعني ضمنيا عدم رغبتهم في أن يفضي حوارهم و نقاشاتهم إلى توحيد رؤاهم حول المرحلة القادمة ، من البديهي ان تكون هناك بعض الاختلافات في التفاصيل أو الآراء ، لكن توحيد المسارات و الأهداف ليس من الصعوبة بمكان ، إن توفرت النوايا الحسنة و وجدت الإرادة القوية الساعية لتوحيد الصف الجنوبي ، مما يعني في الأخير الوصول إلى صوت موحد للجنوبيين يستطيع إيصال القضية الجنوبية إلى بر الأمان.
المصدر أونلايـــن
انشر الموضوع على :
أضف جديد بحث Comments (1)
2011-12-19 21:12:00 | صياد صيرة - قراءة جيدة بس !!!!!
شكرا اختي سارة, كنتي موفقة في طرحقك. فقط نقطة واحد للتوضيح. دعاة الوحده من الجنوبيين ليسوا جزء من الحراك هم مع الشمال. الحراك اهدافه واضحة وضوح الشمس و هي فك الارتباط عن الشمال. من ينادي بالفدرالية او الوحدة فهو ليس من الحراك. تم تعريف حالة الجنوب بان الجنوب محتل من الشمال و ان وحدة 1990 سقطت باعلان الحرب في 94 على الجنوب, حتى اصحاب الفدرالية يقولون ذلك في اوراقهم و اقوالهم. يا جماعة ما فيش وقت عندنا, الهداف واضح, لم نستطيع الاندماج مع الشمال فلا مجال لتجارب جديد معهم. نحن الجنوبيين مختلفين عن الشماليين في الشكل, و الكلام, و العادات, و الثقافة و حتي مواشيهم شكلها غير.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Abdulhafedh Al-afif لا تنتظرون من العابثين بمشاعر الجياع
ردحذفشيء يذكر فيه ما يفرح او اي فائد
لانهم هم من افسد حياة الجياع ومن باع
ما انجزه الأماجد في المدينة وفي البادية
هم من افسد حياة الشغيلة في كل البقاع
ومن أوصلنا جميعا الى المذلة وبطون خاوية
عبدوا الى التاريخ تجدون مالم ينشر ويذاع
يناير ام المآسي من يومها صارا الجميع في الهاوية
وصار ابن الجنوب مشرد في مختلف البقاع
يدفع ثمن تصرفاتهم واختلاف علي مع معاوية
واليوم عادوا الى نفس المسلك الى حلبة الصراع
ًً
يحددون مآسي الماضي باسلوب وعادات بالية
Like