إيران .. الخطر الداهم!
الثلاثاء , 11 سبتمبر, 2012, 08:53
حبيب العزي
كُلنا يعلم يقيناً بأن تصدير الثورة إلى دول الجوار كان ولايزال هو مشروع إيران "الاستعماري" الأول في المنطقة ، كما هو الهدف الاستراتيجي لنظام ولاية الفقيه في طهران منذ العام 1979م ، حيث وصل الخميني إلى سدة الحكم بعد تزعمه للثورة الإيرانية ذات الطابع الديني والمذهبي التي أطاحت بنظام الشاه ، وذلك ضمن حُلمها الكبير في السيطرة على المنقطة العربية والخليج ، وهو الحُلم الذي رصد له نظام طهران – ولايزال – الميزانيات الضخمة من أموال الشعب الإيراني ، كما سخَّر له العديد من الطاقات البشرية والفكرية وكذا الثروات النفطية ، واستعمل لأجل تحقيق ذلك الهدف كل أساليب الدهاء والمكر السياسي.
لقد استغل نظام ولاية الفقيه في طهران بقيادة الإمام الخميني ما عُرف بحرب الثمان سنوات بينه وبين العراق في تعزيز هذا الاتجاه التوسعي لكنه فشل حينها بسبب قوة العراق الضاربة آنذاك ، وظل بعدها يتحين الفرص حتى جاء اجتياح العراق للكويت ومن بعده حرب الخليج ، ليشكل فرصته التاريخية الثمينة التي استطاع استغلالها بدهاء سياسي منقطع النظير ، فقد استفاد يومها من تدهور العلاقات بين العراق ودول الخليج، التي وصلت حد العداء على إثر ذاك الاجتياح ، ليلعب لعبته "القذرة" مع الأمريكان ، وليحقق كل أحلامه في تدمير العراق وإضعافه من كل النواحي الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها ، وذلك عبر الحرب بالوكالة التي خاضها الأمريكان ضد العراق، بل وعبر دول الخليج ذاتها ، التي وضعت أجواءها ومياهها البحرية تحت تصرفهم ، واستمر في تلك اللعبة حتى كان الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003م ، ولتدخل العراق بعد ها في مستنقع الحرب والفوضى والانفلات الذي كان الرابح الأول منه هي إيران.
صحيح أن اجتياح الكويت كان الخطيئة السياسية والأخلاقية الكُبرى لصدام حسين ، والتي دفع ثمنها فيما بعد باهضاً ، لكن بالمقابل فقد ارتكبت دول الخليج هي الأخرى خطأَ فادحاً يتعلق بمصالحها من الناحية الاستراتيجية ، إذ أنها أكلت الطعم الأمريكي والإيراني معاً ، بمبالغتها الشديدة -من وجهة نظري- في العداء لصدام "الشخص" حداً جعلها تُخفق في قراءة المشهد السياسي بدهاء مضاد للدهاء الإيراني ، وجعلها تتخلى عن مسئولياتها التاريخية والأخلاقية تجاه العراق "الدولة" ، والتي تركتها تضيع ، ويُهديها الأمريكان لولي الفقيه على طبق من ذهب ، وهو ما تدفع دول الخليج ضريبته اليوم باهظة ، فإيران قد ابتلعت العراق بأكمله وأصبح بوابتها الكبيرة إلى الخليج والشام والمنطقة بأسرها ، محققة بذلك حُلمها الكبير الذي ظلت تخطط له لسنوات طوال ، وكانت تتحين كل الفرص لتحقيقه ، حتى استطاعت فعل ذلك في لحظة هي الأسوأ في تاريخ أمتنا المعاصر.
من الواضح تماماً أن قادة دول الخليج قد باتوا اليوم على وعي وإدراك كامل لمدى الخطر الداهم عليهم وعلى المنطقة بأسرها جراء تمدد المشروع الإيراني ، المتسم بالبعد الطائفي والمذهبي ، والذي يزداد نمواً يوماً بعد يوم ، ولربما باتوا اكثر قناعة من أي وقت مضى بأن صدام حسين الذي كانوا يناصبونه العداء ، وبذلوا الغالي والرخيص لإسقاطه ، كان هو صمام الأمان لمنطقة الخليج خصوصاً ، وللعالم العربي عموماً في مواجهة هذا الطاعون القادم إلينا من المشرق ، "وهنا لا أعني بالضرورة صدام الشخص وإنما العراق كدولة" ، فكل تصرفات قادة دول الخليج وتحركاتهم في الآونة الأخيرة تقول بذلك ، وبخاصة بعد قيام الثورة السورية ، التي باتت لكلا الطرفين معركة وجود.
لقد ظلت طهران طيلة العقود الماضية ترفع "تُقية" شعار دعم المقاومة للوجود الإسرائيلي في المنطقة ، أكان في فلسطين أو لبنان ، ولأجل ذلك دعمت بسخاء حليفها الفكري والسياسي حزب الله اللبناني بالمال وبالسلاح ، كما دعمت قطاع غزة وحكومة حماس بعد سيطرتها عليه ، ليس حباً في حماس ولكن بهدف استعطاف الجمهور العربي وكسب تأييده ، ذاك الجمهور الذي بات يرى اليوم بأم عينه مدى القُبح البادي على الوجه الإيراني بعد زوال المساحيق وانكشاف الأقنعة عنه من خلال الثورة السورية العظيمة ، كما بدأ يرى ذات القبح على وجه حزب الله "صنيعة إيران وحليف نظام القتل في دمشق" ، ولذلك رأينا إيران قد بدأت تتصرف كالمفجوع على مشروعها ، والمستميت في الذود عنه بكل الوسائل "غير المشروعة" واللاأخلاقية ، فها هي تنفق المليارات وتبعثرها هنا وهناك ، وتشتري بها ذمم العشرات والمئات من أراذل القوم وسفهاء هذه الأمة في معظم أقطار العالم العربي إن لم يكن جميعها.
ففي اليمن على سبيل المثال لم يعُد سراً خافياً على أحد أن المال الإيراني بات يُعربد في كل اتجاه ، بل ويتمايل بجرأة ووقاحة لا يماثلها إلاَ جسدٌ عاهر أغرى بتمايله السفهاء وأراذل القوم فسال لعابهم ، ولعقوا من عرقه المتساقط خمراً فأسكرهم ، بل لم يتورعوا عن مضاجعته فألبسهم لباس الخطيئة التي باتت تستوجب إما التوبة والاستغفار من طرفهم ، أو الردع والزجر من طرف من استأمنهم الشعب على حماية أمنه واستقرار وطنه ، وحمَّلهم مسئولية ردع ومحاسبة كل من يتآمرون عليه.
لقد بات معلوماً للقاصي والداني أن الشيخ "س" والشيخ "ص" و "ع" و "ج" وغيرهم من الذين تم شراؤهم بالمال الإيراني، ليصبحوا في غمضة عين "آيات وملالي" يعملون وكلاء للشيطان بالأجرة ، ويخدمون أجندته على حساب أوطانهم ، وينشطون بقوة هذه الأيام – وبشكل مشبوه وملفت - في محافظة تعز على وجه الخصوص ، يستغلون أجواء الحرية التي منحتها لهم -كما للوطن- رياح الثورة والتغيير ، كما يستغلون حاجة الناس ويغرونهم بالمال ، ويشترون بعض الشباب من خلال المنح والبعثات التعليمية إلى إيران ، وينسقون أيضاً مع بعض الوجهاء والمشايخ لزيارة طهران في مهمات مشبوهة ، كل ذلك وهم يحسبون أن لا أحد يدرك حجم تماديهم.
ثقوا أيها السادة أنه قد بات للشعب عيناً تراقبكم ، تعلم أسمائكم ، ترصد تحركاتكم ، وتعي جيداً كل قنوات التواصل معكم ، كما تدرك مصادر تمويلكم ، فلا تظنوا أنكم في مأمن من محاسبته ، أو أنكم فوق الوطن ، فثوبوا إلى رشدكم ، وعودوا إلى صوابكم .. قبل أن يأتي يوم تحاكمون فيه بتهمة الخيانة العظمى للوطن، حيث والتاريخ لا يرحم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق