لماذا خرج شباب عدن إلى الشارع ؟!
BREED-ALHERAK-AALGANOBY
بتاريخ : الجمعة 04-03-2011 05:05 صباحا
- بقلم : الدكتور عبيد البري
خروج شباب الجنوب الى الشارع تضامناً مع إخوانهم في المحافـــظات الشمالية الذين يتـــظاهرون بمئات الآلاف أو بالملايين لإسقاط نظام الحكم الذي فــُرض على اليمنيين طيلة العقود الماضية منذ الإنقلاب على الحكم الملكي في صنعاء في 26 سبتمبر عام 1962م الذي لا تزال مظاهر نظامه الإستبدادي القبلي العسكري قائمة في اليمن إلى اليوم بإسم الجمهورية والديموقراطية ، لم يعاني منه الشعب في الشمال فقط ، بل عانى منه الشعب الجنوبي أيضاً الكثير في فترة ما قبل إعلان الوحدة ثم أزداد أكثر بعد تلك الحرب الجائرة على الجنوب في صيف عام 1994م ، التي جاءت بنتائج تدميرية كتحصيل حاصل لجهل قيادة دولة الجنوب السابقة لطبيعة النظام في الشمال وإستراتيجيته تجاه الجنوب ، ولإنفراد قيادة الحزب الاشتراكي اليمني آنذاك بقرار الموافقة على إقتراح الوحدة مع الشمال الذي جاء به الرئيس علي عبدالله صالح إلى عدن سنة 1989م ليحقق به هدفين ( الأول ) محاولة ضم الجنوب إلى الشمال سلمياً تحت غطاء الوحدة بعد أن فشلت المحاولات السابقة بواسطة الحروب ، و(الثاني) تحقيق مصالحة سياسية مع معارضة نظام صنعاء التي كانت متواجدة - بشكل سري - في (قيادة الحزب الإشتراكي) من اجل أن تلعب دوراً أساسياً في الإعداد لتحقيق الهدف الأول ، ولم يكن يعـرف شعب الجنوب عنها شيئا – بما فيهم أعضاء الحزب نفسه - الى أن جاءت نتائج الحرب لتكشف عن ما كان قد أخفاه قادة الحزب الاشتراكي الجنوبيين عن قواعد الحزب وعن شعب الجنوب ، وأيضاً عن الهدف من الوحدة .. ومع ذلك ، لا تزال السلطة تحمـّل أولئك القادة فشل النظام القائم في الحفاظ على وحدويّة الشعب الجنوبي ، ووحدوية قياداته السابقة ، ولا يزال النظام في صنعاء يصرف إنتباه الشارع ، في المحافظات الشمالية ، إلى أن قضية إنفصال الجنوب تدار من الخارج ، فعلى سبيل المثال ، جاء في الخطاب الذي ألقاه الرئيس علي عبدالله صالح أمام أعضاء المؤتمر التأسيسي لمنظمات المجتمع المدني ، في صنعاء 19 فبراير الجاري ما يلي :
"هل هذا عمل ديمقراطي؟!.بالطبع. ..لا.. فهذا عمل تخريبي وهذا العمل التخريبي للأسف الشديد وراءه أجندة خفية ومتآمرون فشلت مشاريعهم, فقد فشل مشروعهم في العام 1994م وبقيت آثاره نارا تحت الرماد, الآن جاءت حمى الفوضى والضنك عبر القنوات الفضائية و بدأوا يتحركون ويتبنوا أعمال التخريب ويدفعون بعناصرهم التخريبية المأجورة لقطع الطريق في عدة مناطق ويحركون مسلحين إلى المنصورة وإلى الشيخ عثمان وبدأوا يكسرون داخل مدينة عدن لصالح من يسعون الوصول إلى السلطة عن طريق العنف والتخريب" .. . وقال" نحن لدينا سعة صدر, وديمقراطية, لكن كلام البلاطجة لن يمشي في الشارع, فهناك بلاطجة مستأجرون ومعروف من هم الذين يستأجرونهم" .
إن شباب الجنوب الذين يرفعون الشعارات مع إخوانهم في الشمال ، برحيل النظام ، إنما يعبـرون عن معاناة مشتركة من النظام القائم الذي أوصل اليمـن الى الفساد والتخلف، والى الوقوف على أبواب الدول العربية والغربية لجعل السلطة تـشحت بإسم اليمنيين أموالا تـــدّعي أنها من أجل التـــنميةـ في حين لا يظهر أين تذهب تلك الأموال بالإضافة غلى ثروات البلد الضخمة ، عدا ما يذهب من أموال لتعزيز القوات العسكرية عدداً وعتاداً وتسليحاً ، التي يوليها النظام الإهتمام والرعاية الخاصة على حساب معيشة الشعب في الشمال والجنوب على حد سواء .. وتدأب السلطة على شحن تلك المؤسسة بالحقد على الجنوبيين ، وترسيخ النظرة الدونية تجاههم في حين أن ، الجنوبيين، هم الذين سلموا دولتهم وأرضهم وثرواتهم بالإضافة إلى كل تاريخهم في النضال الثوري ، لمصلحة الشعب اليمني ، حباً في الوحدة وفي الإستقرار والتطور للشعبين معاً .. وهذا الأمر الذي قد يكون مغيباً عن إخواننا في الشمال من عامة الشعب غير المثقفين وعن بعض الشباب من حزب الإصلاح الذي أنشأه النظام لهدفـــــين:
(الأول) لمناقضة اتفاقات الوحدة اليمنية بعد إعلانها بحوالي شهرين ،( والثاني ) لقتـال الجنوبيين في حرب 1994م (وتلك الحقائق ، عن حزب الإصلاح وغيرها ، وردت بوضوح في مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر).
لذلك ، فإن شباب الجنوب الذين هم في الشارع قد وضعوا ، حالياً ، قضيتهم ( قضية فك الإرتباط عن النظام في صنعاء ) جانباً ، تضامناً مع إخوانهم في المحافظات الشمالية ، لتغيير ذلك النظام المذهبي القبلي العسكري المستبد ، بالطرق السلمية ، كونه هو الذي وقف ، ولا يزال ، عائقاً أمام تطلعات الشعبين نحو مستقبل يحفظ للجميع العيش الكريم والأمن والاستقرار ، وكونه هو الذي أفشل الوحدة اليمنية وأفقد الجنوبيين وطنهم ودولتهم بإستغلاله لعواطفهم ورغباتهم في الوحدة والإخاء بين الشعبين!!. .
وحسب ملاحظتنا لأحوال شباب عدن بالذات ، الذين تقل أعمار معظمهم عن العشرين سنة المتواجدين في الشارع في تلك المظاهرات السلمية التي أغضبت السلطة ، في حين لم تغضبها تظاهرات الملايين في تعز وصنعاء وبقية المحافظات الشمالية ؟! ، فإن أولئك الشباب ، بأعمارهم الربيعية ، هم جزء من الشارع العربي لا يعرفون من هو علي سالم البيض أو حيدر العطاس ، الذين لا زالت السلطة تحمّلهما مسؤولية فشل الدولة ، بينما هما وغيرهما كانوا نائمون في المنفى حوالي 16 سنه ، ولا يزالوا ، بعيدين عن الوطن وعن هؤلاء الشباب ، الذين هم أيضاً بعيدين كل البعد عن أحقاد السياسة وبلطجتها ، التي تسعى السلطة إلي إلفــاقها بهم في أي أعمال تخريب دخيلة على التظاهرات السلمية التي عرفتها عدن خلال الأربع السنوات الماضية من عمر الحراك السلمي الجنوبي .. لكن المفاجئ هذه الأيام ، التواجد اللافت للنظر، لحزب الإصلاح في تلك التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام ، يعرفـُون متى تــستخدم أدوات القمع قوة السلاح .. نسأل الله لهم وللجميع السلامة والصلاح .
. .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق