الثلاثاء, 12 آذار/مارس 2013 21:27
الحوار المشيَّع بخطاب التقديس
(1 تصويت)
صدى عدن / بقلم : احمد عبداللاه
الى الحوار الذي سيشهد حرارة التدشين وتشيِّعه خطابات التقديس ومنشورات التبجيل وكأنَّ الارضَ تقترب من ضواحي الفردوس ، اليه تهبُّ رياح السفر والتسفير لمشاهدة الستار الذي سيتم إزاحته عن أعجوبة العصر اليماني ، ورمز انبعاث الحكمة المحنطة من أيام الرساله المحمدية ، سيُزاح الستار عن تمثال تاريخي مقطوع اليدين ليس وفق كليشيهات فنون النحت الاغريقي القديم ، حين كان قطع الأذرع دلالة جماليه في تقديم كونتراست قوي مع جاذبية الوجه والجسد ، ليظهر البتر الفني برمزيته الابداعيه كجزء مكمل وليس العكس ، ليس كذلك بالطبع فالحديث هنا عن تمثال معنوي ضخم ، اسمه (الحوار الوطني ) المعدَّة نتائجه سلفاً ، حوار ليس فقط مبتور اليدين ، خال من أي دلالة فنيه ، بل هو بالاصح مبتور العقل ، وهو أَدْعَى لأن يوصف كذلك ، ويوضع في محاكاة رمزيه رهيبه لمأساة رأس أبي العلاء المعرِّي ، والاستدلال هنا للتذكير بالمنشأ الأصولي المشترك ، أي أن المنبع الفكري للكفِّ التي بترت رأس فيلسوف الشعراء ، ينتمي لنفس البيئه التي تفرض ارادتها الان على الساحة العربيه ومنها اتت الفكرة التي صاغت وصدَّرت إلينا نموذجاً مبتوراً لمبادرة الحوار القهري والذي تَمَنْتَجَ على أيْدي اطراف الصراع في صنعاء ، حوار بمرسوم سعودي باسم الخليج لإنقاذ البلد من ثورته ، يشارك فيه كل أبناء وأحفاد الأزمات التاريخيه باطيافهم اليمينيه واليساريه والطوائفيه والجهوية والأصولية والحداثيه، وكل من لديه قضية مع الزمان والمكان ، وكل حامل لازمات التاريخ منذ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري حتى بزوغ الناصر شيخ القبيلة كقائد ثورة وأمير للمؤمنين .
لا احد في الاقليم او منظومة التوافق الرائده في صنعاء نظر أو ينظر للحوار من زواياه الموضوعية ونواقصه الصارخه ، وان القضايا الكبرى قد تم تكبيلها بما تقتضيه الاولويه المطلقه للوفاق بين قطبي السلطه التقليديه والقوى المتخمة بالمال والدماء ، وان هذا النوع من الحوار مُعَدٌّ للسقوط والانكسار ، وان الحوار كمنهج يتناقض هنا مع محتواه بشكل سافر ، واخيراً انه بصيغته ليس كتاب من لدن عزيز حكيم ، محكم مكتمل لا مكان للاجتهاد فيه او الحذف منه او الإضافة اليه ، لم ينظر احد منذ البدايه الى كل ذلك بل تم و يتم السير نحوه من موقع الغطرسة والتهديد والوعيد بأن ؛ لا معارضه لهذا النوع من الحوار مهما كانت منطقية السبب وقوة الحجه ، ومن يفعل فانه قد وضع نفسه في دائرة المحرمات الوطنيه والعقائديه ، ولا عجب في ذلك فهناك آلة جاهزه ومبرمجه لاصدار الفتاوى الوطنيه والدينيه كلما اقتضت ضرورة المصالح ، وهناك ترسانة إعلامية متأهبه للانقضاض ، فتأسست فكرة أنَّ من يتخلف عن ركب مهرجان الحوار مفقود مفقود إلى قيام الساعه ، ومن يدخل فيه عليه ان يذعن لقواعد اللعبه . وهكذا تستعر الآن التصريحات والتوجيهات وتتورم الكلمات وتنفجر الاوداج وتزدهر المدرعات حاميات الحوار مضيفة شرعية لوطنيته .
سيبدأ الحوار لكن هالته الضخمه ستتلاشى في اسابيعه الاولى وسيعرف القوم بعد حين قريب بان الجسد كان بحاجة ضروريه ليدين وقبلها كان يلزَمُهُ عقل .